إصلاح الذات ..

أضف تعليق

بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله تعالى و بركاته
الحمد لله و صلى الله و سلم على نبراس الأمة و حبيبها و على آله و صحبه و من سار على هديهم إلى يوم الدين
طابت أوقاتكم بكل خير و بركة ..




لعلك تقول متحيرًا: كـــم من مرة حاولــت وقررت العودة، بـــل وحددت لنفسي يومًا أو موسمًا أبدأ منه، ويمر اليـوم وينقضي الموسم وأنــا علـــى حالي!! 
وكم مـن مـرة بدأت فعــلا، ولكن مـا أكــاد أسير في الطريق يومًا أو يــومين إلا وأنتكس مرة أخرى لعوامل من داخلي، أو لطــوارئ ودواعٍ من خارجي. إذن: مـا العمـل؟ وأين الطــريق؟ 
لا بد لكل منا من نقطــة تحــوُّل، يُـحَوِّل فيها مساره إلى طريق الله، ويهجـر طريق الشيطان، ويحذر قُطاع الطـرق. 
في السطور التالية أرجــو أن تعيرنــي قلبك لا سمعــك، وإحساسك لا عينك، ونحاول سويًّا بإذن الله أن نتلمس سبـيل الوصــول إلى الله عز وجل في خطوات متدرجة، استقيتها من تجارب العلماء في بدء تعاملهم وإنابتهم إلى رب العزة سبحانه وتعالى. 
ومن البداية أقول لك: لا تظن أن الطريق سهل. فما تسعى إليه قد حُفَّ بالمكاره والعقبــات والأشواك، ولكنك عندما تصل ويفتح لك مولاك الباب ستنسى  كل ألم، وستودع كل تعب، وستحس بلذة لا تضارعها لذة دنيوية. 

الحجر الصحي! 

أول ما يجب أن تقوم به هو عزل نفســـك عن مَواطن المعصية ورفقائها؛ حتى لا تجد فرصة للمعاصي، فتنقطع تمامًا عن المعصية. 
ثم الزم الإلحاح على معاتبة نفسك وتــذكيرها ربها، وردد عـلى سمعـك دائمًا أنك لا بد ستموت إن عاجلا أو آجلا، وستلقى الله عز وجل فيحاسبـك. 

اصمت تسلم 

درِّب نفسك على أن تصمت أكثـر مما تتكلم؛ فإن النـفس إذا صمتـت سكتت، فإذا طال سكوتها تبين لها الكثير مما كانـت تخوض فيه من الباطل، وعندها تنكسر؛ إذ تعلم أنها متعرضـة لسخط مولاها. 
ثم عاوِد العتاب مرة أخرى، وذكِّرهـا بذنوبها ومعاصيها ذنبًا ذنبًــا، وعرِّفها عقوبة كل ذنب مـن تلـك الذنوب؛ حتى تعترف وتُقِر. 


انسَ طاعاتك 

إذا اعترفت نفسك بالتقصير والذنـوب؛ فأدِم تذكيرها بعظيــم جرائمهـا وذنوبها، وأوهمها أنها لم تعمل في حياتها إلا المعصية، وأنسِها في هـذه المرحلة حسناتهــا وطاعاتها؛ حتى توقن بالهلاك إن لم تتب، ويستيقظ ضميرها، وتسيل دمعتهـا. 
فإذا ما استيقظ ضمير نفسك، وسالت دمعتها، وأيقنت بالهلاك فأخبرهــا بضرورة الإقلاع عن المعاصي والاستدراك، وأن هذا لا يتأتى إلا بهجران كل أسبــاب المعصية؛ من أصحاب وأهل وقرابــة وأدوات، وأخبرها أنها لا تصح توبتها إلا بترك ذلك كله. 

أذلها بالجوع 

إذا نفرت نفسك من ذلك وأبَت؛ فاكســرها بكثرة الصيام، وأذلها بالجوع؛ فإن النفس إذا آلمها الجوع تخشع وتستمع وتستسلم للمعاتبة فتقبل، فإذا لم تقبل فذكِّرها بعذاب الله وسوء المصير؛ حتى تلين لك، وعندها ستجدها تعطيك وعدًا بترك المعاصي بعد قليل، وتسوف لك متعللة بقضاء بعض حوائجها. 






قاوم التسويف 

إذا وجدتها تسوف لك وتعد لأمد طويـــل أو قصير، فاحمل عليها حملة شديدة بالزجـر والتذكير بعدم ضمان الأجل، وأنه لربما تستوفــي أجلها قبل أن يحيـن الموعـد، وأعـد عليها ذكر العقوبات والنـقم. 

تحلية بعد تخلية 

فإذا أذعنت لك وطاوعتك في قطع أسباب المعصية، فاعمل على إكسابها أضداد ما قطعته وفارقته؛ فابحث لها عن صاحب مرشد بدلا من الصاحب المغوي، وعلِّمها الذكر بدلا من السهو والغفلة، وألزمها التثبت والتفكر بدلا من الطيش والعجلة، وأذقها مناجاة الرب سبحانه وتعالى وحلاوة تلاوة كتابه. 
ومطالعة العلم، والتعرف على سير الصالحين وأخلاقهم، بدلا من الخوض في الباطل ومجالسة الفاسدين المفسدين، وعندها تجتمع أنوار هذه البدائل في قلبك، ويستنير عقلك بموروثات الطاعة، ويؤيدك الله بمعونته، وتقهر أنوار الطاعة أهواء نفسك؛ فتتحول الطاعة إلى طبع وعادة. مثلما كانت المعصية لها طبع وعادة. 

إياك والعُجب 

إذا وصلت نفسك لهذه المرحلة من الاستقــــامة على طاعة ربها؛ فربما نما فيها العُجب بطاعتها وتركها للمعصية، فازجرهـا عن ذلك، وذكرها بنظر الله عز وجل إلى ضميرها، وخوفها بحبوط هذا العمل، وشككها في قبولـه.

 
تذكر ماضيك 

وإذا نجت النفس من العجب بأعمالها فربما وقعت في الكبر والاستطالــة على الناس لما ترى من معاصيهم واستقامتها، فتزدري العاصين وتترفع عليهم، عندهـا ذكرها بماضيها وما كانت عليه، وأقرِع سمعها بقوله عز وجل: {كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْكُمْ}، وقول القائل: "رب معصية أورثت ذلا وانكسارًا خير من طاعـة أورثت عزًّا واستكبارًا"، وخوفها من خاتمة السوء، حتى تعرف قدرها وتنفي الكبر عن ضميرها. 
ولكن لا تعتقد أن هذه هي النهاية؛ فكما يقولون: "إن الوصول إلى القمة سهل، ولكن الحفاظ عليها هو الصعب"، فيجب أن تكون على حذر دائمًا، وأن ترعى نفسك وتهذبها دومًا مما يعكر عليها صفو الطاعة؛ حتى تظل على هذه الحالة من الاستسلام والانقياد لله عز وجل، والنفور من معصيته. 
وأخيرًا عليك الدوام على الدعاء بالثبات، واحذر الانتكاسة، واعلم أن الهداية من الله عز وجــل ..

0 التعليقات:

إرسال تعليق

يتم التشغيل بواسطة Blogger.